/ الفَائِدَةُ : (166) /
21/05/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / معاني التَّعبُّد والدِّين / إِنَّ للتعبُّد والدّين معانٍ عدَّة ، منها : الأَوَّل : التَّنجيز والتَّعذير. الثَّاني : الثواب والعقاب. الثَّالث : البشير والنذير . الرَّابع : الفِطْرَة ، المشار إِليه في بيانات الوحي ، منها : 1 ـ بيان قوله(تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ) : [فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ](1). 2 ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فِطْرَته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول ... »(2) . 3 ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْضاً : « إلهي ما عبدتك خوفا من عقابك ، ولا طمعا في ثوابك ، ولكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك »(3) . 4 ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْضاً : « إِنَّ قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإِنَّ قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإِنَّ قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار » (4) . ودلالته ـ كدلالة سابقيه ـ واضحة . الخامس : الْعِلْمُ . فلاحظ : بيانات الوحي ، منها : بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... الدنيا كلها جهل إلا مواضع الْعِلْم ، والْعِلْم كله حُجَّة إِلَّا ما عُمِلَ به ... »(5) . السَّادس : التعليم والتزكية والتربية ؛ فإِنَّها مسؤوليَّة الدولة الْإِلَهِيَّة قبل أَن تكون مسؤوليَّة الأَنظمة الوضعيَّة . /دور أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ في تعليم المخلوقات وتربيتها وتزكيتها / ويَنْبَغِي الْاِلْتِفَات : أَنَّ سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ هو الْمُعَلِّمُ والْمُرَبِّي والْمُزْكِّي الأَوَّل (6) ، ثُمَّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ فاطمة الزهراء ، ثُمَّ سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بحسب ترتبهم في الحُجَّيَّة الْإِلَهِيَّة الاصطفائية هم الْمُعَيَّنون من ساحة القدس الْإِلَهِيَّة ؛ لتعليم وتربية وتزكية كافة المخلوقات وفي جملة العوالم غير المتناهية . فانظر : بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : إِطلاق بيان قوله تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ : [هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ](7). ثَانِياً : إِطلاق بيان الحديث القدسي : « يا محمد ... فإِنَّك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي، وحُجَّتي على بريَّتي ... »(8) . ثَالِثاً : بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ : « كُنتُ نبيا وآدم بين الماء والطين .[ أو: بين الروح والجسد . أو: بين خلق آدم ونفخ الروح فيه] »(9) . رَابِعاً : بيانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيْضاً : « إِنَّ الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام من نور، فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا فسبحنا فسبحوا ، وقدسنا فقدسوا ، وهللنا فهللوا ، ومجدنا فمجدوا ، ووحدنا فوحدوا ، ثُمَّ خلق الله السماوات والأرضين ، وخلق الملائكة فمكثت الملائكة مائة عام لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا ولا تمجيدا ؛ فسبحنا وسبحت (10) شيعتنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا ، وقدسنا فقدست شيعتنا فقدست الملائكة لتقديسنا، ومجدنا فمجدت شيعتنا فمجدت الملائكة لتمجيدنا ، ووحدنا فوحدت شيعتنا فوحدت الملائكة لتوحيدنا، وكانت الملائكة لا تعرف تسبيحا ولا تقديسا من قبل تسبيحنا وتسبيح شيعتنا . فنحن الموحدون حين لا موحد غيرنا ، وحقيق على الله تعالى كما اختصنا واختص شيعتنا أن ينزلنا أعلى عليين (11) ، إِنَّ الله سبحانه وتعالى اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساما ، فدعانا وأحبنا ، فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفر الله »(12). خَامِساً : بيانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيْضاً : « ... فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه ؛ لإِنَّ أول ما خلق الله عَزَّ وَجَلَّ : خلق أرواحنا ، فأنطقنا بتوحيده وتحميده ، ثُمَّ خلق الملائكة ؛ فَلَمَّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا ؛ لتعلم الملائكة أَنَّا خلق مخلوقون، وأَنَّه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فَلَمَّا شاهدوا عظم شأننا هللنا ؛ لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله ، وأَنَّا عبيد ، ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه ، أو دونه ، فقالوا : « لا إله إلا الله » فَلَمَّا شاهدوا كبر محلنا كبرنا ؛ لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به ، فَلَمَّا شاهدوا ما جعله لنا من العزة والقوة : « قلنا لا حول ولا قوة إلا بالله » ؛ لتعلم الملائكة أن لاحول لنا ولاقوة إلا بالله فَلَمَّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : «الحمد لله » ؛ لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته (13) فقالت الملائكة : «الحمد لله » ، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده. ثُمَّ إِنَّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر ... »(14) . سَادِساً : بيانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيْضاً : « ... بالتعليم أرسلت ... »(15) (16). سابعاً : بيان الصادقين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما : « إِنَّ الله خلق الخلق وهي أظلة ، فأرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وآله فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثُمَّ بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن به في الأظلة وجحده من جحد به يومئذ ، فقال : [ ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل] »(17) . ثامِناً : بيان الامام الصادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... أن الله تبارك وتعالى بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وهو روح إلى الأنبياء و هم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام ... دعاهم إلى توحيد الله وطاعته واتباع أمره ووعدهم الجنة على ذلك ، وأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار ... »(18) . سَادِساً : بيان تفسيره صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ما بعث الله نبيا أكرم من محمد صلى الله عليه واله ، ولا خلق الله قبله أحدا، ولا أنذر الله خلقه بأحد من خلقه قبل محمد، فذلك (19) قوله تعالى : [ هَٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَىٰ ] (20)، وقال: [ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ]( 21) ، فلم يكن قبله مطاع في الخلق، ولا يكون بعده إلى أن تقوم الساعة في كل قرن إلى أن يرث الله الارض ومن عليها »(22) . ودلالة الجميع واضحة . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الروم : 30 . (2)بحار الانوار ، 11 : 60 / ح 70 . نهج البلاغة ، خ 1 : 45 ـ 46 . (3)بحار الانوار ، 41 : 14 / ح 4 . (4) المصدر نفسه . (5)بحار الانوار ، 2 : 29 / ح 9 . (6) يَجْدُرُ الْاِلْتِفَات : أَنَّ لسَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ اضافة الى هذه المناصب الْإِلَهِيَّة ـ مناصب إِلَهِيَّة خطيرة وعديدة أخرى : منها : أَوَّلاً : البشير والنذير . فانظر : بيانات الوحي ، منها : بيان قوله تعالى : [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا]ـ الاحزاب : 45 . ثَانِياً : الولي . فلاحظ : بيانات الوحي الاخرى ، منها : بيان قوله تقدَّس ذكره : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ]ـ النساء : 59 ـ . ثَالِثاً : الحاكم . فانظر: بيانات الوحي ، منها : بيان قوله عزَّ من قائل : [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا]ـ النساء : 65 ـ . (7) الجمعة : 2. (8) بحار الانوار ، 52 : 312 / ح 5 . علل الشرائع ، ١ : ٥ - 7 . عيون أخبار الرضا عليه السلام ، 1 : 262 - 264 . كمال الدين ، 1 : 366 - 369 . (9) بحار الانوار ، 18 : 278 . الغدير ، 7 : 38 . (10) في المصدر : (فسبحت) . (11) في المصدر : (في أعلى عليين) . (12) بحار الانوار ، 26 : 343 ـ 344 / ح 16 . جامع الأخبار: 9. (13) في نسخة وفى العيون : (على نعمه). (14) بحار الانوار ، 18 : 345 ـ 346 / ح 56 .علل الشرائع : 13 ـ 14 . عيون أخبار الرضا عليه السلام : 144 - 146 . (15) بحار الانوار ، 1 : 206 / ح 35 . (16) لَابَأْسَ بالْاِلْتِفَات : أَنَّ الفلاسفة والمُتكلِّمين والفقهاء لم يُفسِّروا هذا المنصب الْإلَهِيّ ـ بل وغيره ـ بعمقٍ ؛ فإِنَّ أَصل الإِثارة العلميَّة ، والتَّصوُّر ، وكشف الحقيقة والواقعيَّة من مسؤوليَّات الدِّين ، ومن مسؤوليَّات مُعلِّم الحكمة الإلهيَّة ، ومن ثَمَّ كانت الحكمة ضالة المؤمن . فلاحظ : بيانات الوحي ، منها : 1 ـ بيان قوله ( تَقَدَّسَ ذِكْرُهُ) : [الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ] ـ الزمر : 18 ـ . 2 ـ بيان قوله (عَزَّ جلاله): [ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ] ـ سبأ : 24 ـ . (17) بحار الانوار ،5 : 259 / ح 64 . (18) بحار الانوار ، 15 : 14 / ح 17 . (19) فلذلك خ ل. (20) النجم : 56. (21) الرعد: 7. (22)بحار الانوار ، 16 : 371 / ح 82 . مجالس الشيخ : 63